إن إدراك الأبناء لمعاملة والديهم يتمثل في نظرتهم إلى المواقف التي تحدث بينهم وبين آبائهم من خلال تفاعلهم معا وكيفية تربيتهم والأساليب التي اتبعها الآباء تجاههم وكيفية تقدير الأبناء لهذه المعاملة اذ ان نظرة الرفض او القبول واللامبالاة او التحكم الزائد والمساواة او التفرقة تؤثر جميعها على شخصية الأبناء. أن أسلوب اللامبالاة الذي يتبعه بعض الآباء قد يكون ادراك الأبناء له سببا في الشعور بعدم الأمان والخوف من المجهول والتذبذب في المشاعر والوجدان مما ينعكس ذلك على شخصياتهم فيكونون مندفعين نحو القيام بسلوكيات متهورة للفت انتباه الآخرين لهم.
فادراك الأبناء لأسلوب القسوة والاساءة والعنف من قبل الأب له أثر بالغ عليهم حيث يولد لديهم الشعور بالتوتر والضيق والهيجان والغضب الجامح. فما يحصل داخل البيوت من مناقشات واساليب للحياة من اهم الاشياءلاستمرار الحياة ونموها بين الزوج والزوجة والأبناء على حدا سواء .. مما ينعكس على الابناء بخير ورفاهية وآمان ..
فالحوار بين الزوجين .. هو اسهل وأبسط الطرق للتفاهم والعيش بسعادة ونجاح. وهذه حقيقة والبعض يجهل طرقها وادواتها ..ودورهم هام وجذري وأي خلل به يدخلهم بحسابات معقدة يصعب حلها مع الوقت .. الاب هو القائد .. والمنظم والراعي .. ودور الام لا يقل اهمية عن دوره فهي الاساس وهي من تتواجد معظم الوقت وعليها تهيئة الابناء والاخذ بأيديهم الى بر الامان ..وذلك من نتائج الحوار المثمر .. والمنطقي بدون تجريح أو استهتار بحق الطرف الاخر.مهما كانت الاحوال والظروف .. فكل مشكلة لها حل فالحوار بينهم وبين أبنائهم ، هي أن يتنازلوا عن سلطتهم وقهرهم لأبنائهم ، وفي الوقت نفسه على الأبناء أن يثقوا بمشاعر الأباء ..وأن يكون هناك دائما حسن نية في العلاقة، لكن المشكلة تظهر أكثر لو كانت سلطتهم قاسية، فيشعر الأبناء بالقيود والاختناق ، وهو ما نسميه بالحب الخانق ..والذي ينتج عن كثرة القلق والهيمنة الزائدة والمتابعة المستمرة وشدة الخوف كل هذا يقتل الأبناء نفسيا ويسبب لهم مشاكل مؤلمة... فلا يجب أن نخلق مساومــة معهم بل منطق سماح ومغفرة ... أن نكون حكماء وليس ممسكين بالعصا التي تهدد أبنائنا ونحاول كذلك أن نستوعب حكمة سيدنا عمر بن الخطاب عندما قال : لا تعلموا أولادكم عاداتكم، فقد خلقوا لزمن غير زمانكم" . خلاصة قولي أن الحرية داخل الأسرة معادلة صعبة فهي تتطلب أبا مثقفا ومتحضرا يناقش قبل أن يعطي خلاصة تجاربه في الحياة، ويعلم أولاده عدم الخوف، ويعطيهم الفرصة للتجربة ولممارسة حقوقهم، وأن يتعلموا عواقبها، سواء مع الفشل أو النجاح.